حسن أوريد يكتب عن المغرب و الجزائر
من المثير أن من رسم العلم المغربي جزائري، هو قدور بن غربيط، وهو من قعّد البروتكول المخزني، وأن من أوحى بعيد العرش، جزائري كان مقيما بسلا هو السيد ميسة، ومَن كان مديرا للكتابة الشخصية لمحمد الخامس الفقيه المعمري، من منطقة القبائل، وهو من سيصبح أول وزير للقصور الملكية والتشريفات، وأن من سيرسي نواة أكبر حزب إسلامي الدكتور الخطيب من أصول جزائرية، وحصل على الجنسية المغربية، بمقتضى ظهير غداة الاستقلال، وأن مؤرخ المملكة المرحوم عبد الوهاب بن منصور يتحدر من عين الحوت قرب تلمسان.. ومن جهة أخرى فإن أول رئيس للجزائر المستقلة المرحوم أحمد بن بيلا من أصول مغربية من نواحي مراكش استقرت أسرته بلاّلاّ مغنية، (وهو اسم ولية، توجد أختها بالتراب المغربي، وتدعى لالا خيرة)، والعربي المهيدي من القياديين الأوائل، عن منطقة وهران، واغتالته القوات الفرنسية، ترجع أصوله إلى منطقة سوس في المغرب. وأول وزير للداخلية المدغري، من أصول مغربية، كما أن أول رئيس للجزائر الحرة، المرحوم بن بله كان محاطا بمستشارين من المغرب، منهم محمد الطاهري وعبد السلام الجبلي، وهما ما يزالان على قيد الحياة. أما من عاشوا في المغرب من الجزائريين قبل الاستقلال، والتحقوا ببلدهم وقد تحرر، فحدث ولا حرج، منهم المرحوم هواري بومدين، وعبد العزيز بوتفليقة، والعربي بلخير، وقصدي مرباح، واليزيد الزرهوني، وعبد اللطيف رحال، والشريف بلقاسم، وشكيب خليل.. ومن الشخصيات المغربية التي ارتبطت بعلاقة خاصة بالجزائر، الشهيد المهدي بن بركة، إذ درس في الجزائر في بداية الأربعينيات، وكذا الحاج امحمد باحنيني أستاذ الأدب العربي للمرحوم الحسن الثاني، وواحد من رجالات الدولة في عهده، درس في الجزائر وارتبط بصداقة مع العلامة البشير الإبراهيمي، وكان قناة المرحوم الحسن الثاني مع المرحوم بومدين.
من حق الجيل الحالي، أن يتساءل في كل بلد على حدة، ماذا يمثله هذا التاريخ، اليوم. ماذا تمثل ثورة الملك والشعب، وماذا تعنيه بالنسبة للجيل الحالي من المغاربة. لقد سبق للمؤرخ المغربي عبد الله العروي، في كتابه «مغرب الحسن الثاني»، أن اعتبر أن من مآخذ الحركة الوطنية على الحسن الثاني في بداية ملكه أنه كان ملكا لطائفة، عوض أن يكون ملكا لكل المغاربة. ومن حق الجيل الحالي، أن يرى روح ثورة الملك والشعب مسلسلا لا ذكرى، وألا يُحوَّل مجرى هذه العلاقة لصالح فئات تحركها مصالح أكثر
من طموح جماعي لفائدة البلد والمنطقة. مثلما أن من حق الجيل الحالي في الجزائر أن يطرح السؤال، هل تم الالتزام بأرضية الصومام؟ ولِم كان جزاء أقطابها جزاء سنمّار، مِن المرحومين عبّان رمضان وكريم بلقاسم، أو من المجاهد عميروش، الذي وإن لقي حتفه في ساحة الشرف، إلا أن ذلك لم يشفع له ذلك من التجني والجحود. ومن واجب النخب في البلدين أن تستحضرا الوشائج العميقة التي ربطتهما في مرحلة مصيرية من تاريخهما، وينبغي أن تجمعهما في محطة ليست أقل خطورة من سابقتها.
يحز في النفس كل تلك التضحيات التي قدمها الماهدون في البلدين، والوضع المؤسف الذي يعيشانه، والجفاء القائم بين شعبين هما شعب واحد في حقيقة الأمر. ويحز في النفس ما نشرته أسبوعية «دو إيكونومسيت» الرصينة قبل أسابيع، أن البلدين كان يمكن أن يكونا أقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط كلها، وكيف وصلا إلى الحالة التي يوجدان عليها الآن.
فعسى أن يستحضر الشعبان مرامي 20 أغسطس وروحه وأن يُقدما بهمّة على بناء غد أفضل.
#حسن_أوريد:مقال بالقدس العربي